Sunday, October 4, 2009

فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن




ليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره ، وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه ، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له ، وفيها هلاكه وشقوته ، ويكون قضاؤه له من هوانه عليه ، وسقوطه من عينه ، ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له ، فيمنعه حماية وصيانة وحفظا لا بخلا ، وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ، ويعامله بلطفه ، فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه ، ويراه يقضي حوائج غيره ، فيسيء ظنه [ص: 101 ] بربه ، وهذا حشو قلبه ولا يشعر به ، والمعصوم من عصمه الله ، والإنسان على نفسه بصيرة ، وعلامة هذا حمله على الأقدار وعتابه الباطن لها ، كما قيل :


وعاجز الرأي مضياع لفرصته حتى إذا فات أمر عاتب القدرا

فوالله لو كشف عن حاصله وسره لرأى هناك معاتبة القدر واتهامه ، وأنه قد كان ينبغي أن يكون كذا وكذا ، ولكن ما حيلتي ، والأمر ليس إلي ؟ والعاقل خصم نفسه ، والجاهل خصم أقدار ربه .

فاحذر كل الحذر أن تسأله شيئا معينا خيرته وعاقبته مغيبة عنك ، وإذا لم تجد من سؤاله بدا ، فعلقه على شرط علمه تعالى فيه الخيرة ، وقدم بين يدي سؤالك الاستخارة ، ولا تكن استخارة باللسان بلا معرفة ، بل استخارة من لا علم له بمصالحه ، ولا قدرة له عليها ، ولا اهتداء له إلى تفاصيلها ، ولا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، بل إن وكل إلى نفسه هلك كل الهلاك ، وانفرط عليه أمره .

وإذا أعطاك ما أعطاك بلا سؤال تسأله أن يجعله عونا لك على طاعته وبلاغا إلى مرضاته ، ولا يجعله قاطعا لك عنه ، ولا مبعدا عن مرضاته ، ولا تظن أن عطاءه كل ما أعطى لكرامة عبده عليه ، ولا منعه كل ما يمنعه لهوان عبده عليه ، ولكن عطاءه ومنعه ابتلاء وامتحان ، يمتحن بهما عباده ، قال الله تعالى فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا أي ليس كل من أعطيته ونعمته وخولته فقد أكرمته ، وما ذاك لكرامته علي ، ولكنه ابتلاء مني ، وامتحان له أيشكرني فأعطيه فوق ذلك ، أم يكفرني فأسلبه إياه ، وأخول فيه غيره ؟ وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه ، وجعلته بقدر لا يفضل عنه ، فذلك من هوانه علي ، ولكنه ابتلاء وامتحان مني له أيصبر فأعطيه أضعاف أضعاف ما فاته من سعة الرزق ، أم يتسخط فيكون حظه السخط ؟ .

فرد الله سبحانه على من ظن أن سعة الرزق إكرام ، وأن الفقر إهانة ، فقال : لم أبتل عبدي بالغنى لكرامته علي ، ولم أبتله بالفقر لهوانه علي ، فأخبر أن الإكرام والإهانة لا يدوران على المال وسعة الرزق وتقديره ، فإنه سبحانه يوسع على الكافر لا لكرامته ، ويقتر على المؤمن لا لإهانته ، إنما يكرم من يكرمه بمعرفته ومحبته وطاعته ، ويهين من يهينه بالإعراض عنه ومعصيته ، فله الحمد على هذا وعلى هذا ، وهو الغني الحميد .

[ ص: 102 ] فعادت سعادة الدنيا والآخرة إلى إياك نعبد وإياك نستعين .

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

 

Sample Text

أنا إن عشت لست أُعدم قوتا ** وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسـي** نفس حر ترى المذلة كفرا
وإذا ما قنعت بالقوت عمري** فلماذا أخاف زيدا وعمروا



إذا وقع الذباب على طعام رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء إذا كن الكلاب ولغن فيه

إذا كنت في نعمة فارعها
فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بتقوى الإله
فإن الإله سريع النقم

لسانك لا تذكر بها عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معايباً لقوم
فقل يا عين للناس أعين

يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا
وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه
كم نطلب الله في ضر يحل بنا
فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا
فإن رجعنا إلى الشاطي عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة
فما سقطنا لأن الحافظ الله


فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها *

وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ

وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها *

هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ

خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها *

لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ

يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً *

يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ








My Blog List

Powered by Blogger.

Dreams Of An Inspired Mind: Muslim-ized

john cena
Subscribe to Feed


مدونة أفلا يتدبرون القرآن

john cena

My Blog List

Blog Archive