Monday, October 26, 2009

إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم وحافظ عليها بتقوى الإله, فإن الإله سريع النقم

Photobucket


البرامكة أسرة عاشت في عصر العباسيين وزراء، وكانوا يُطْلون قصورهم بماء الذهب، لكن هل أرضوا الله؟ ما عدلوا ولا خافوا الله، وكان كأس الخمر والفتيات والغانيات في قصورهم، وتر ونغم في قصورهم، فحذرهم أحد العلماء وقال لهم: انتبهوا إن النعم لا تقيد إلا بالشكر.

قال: قيدوها بالشكر، لكن لم يفعلوا، وفي لحظة من اللحظات أغضب الله عليهم أقرب الناس إليهم هارون الرشيد فاجتاحهم بالسيف، قتل شبابهم ضحى، وأخذ شيوخهم وقادهم وهم يتباكون إلى السجن، حبسهم حبساً عظيماً، وقد بكى خالد بن يحيى البرمكي في السجن سبع سنوات، وطالت أظفاره؛ وما وجد ما يقلم أظفاره بعد النعيم، وطال شاربه وما وجد مقصاً، وعميت عيناه، قال له أحد الناس وقد زاره في السجن: ما هذا البلاء يا خالد ؟ قال: دعوة مظلوم سرت بليل، غفلنا عنها وما غفل الله عنها..!

ينتقل بنا القرآن مباشرة إلى اليمن ، لنعيش قصة هائلة محزنة هناك، وقعت لأمة أعرضت عن منهج الله قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ. فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ [سبأ:17].

قال ابن كثير وغيره من المفسرين: آتى الله كل رجل من سبأ بجانب بيته بستانين وجنتين، عن يمين وعن شمال، يخرج من بيته وبستان عن يمينه وبستان عن شماله، شجر متدلٍ ونعيم خالد، ظل وارف، وماء بارد، وطيور ترفرف، وحياة رغيدة، ولكن القلوب أعرضت عن منهج الله، مثلما يفعل الآن: بيوت وقصور وفلل وسيارات ورغد ومطاعم ومشارب، ولكن هناك من يفسد ويريد ألا ينكر عليه، ومن يفجر ويريد أن يسكت عنه، ومن يتخلع عن الدين، ويقيم المنكر ويستهزئ بالرسالة، ومن يعارض المسجد، ويقاطع لا إله إلا الله محمد رسول الله، قال تعالى على لسان نوح عليه السلام: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً [نوح:5-7].

فأعرضت قرية سبأ يقول ابن كثير : كانت المرأة تذهب بسلة على رأسها فتمتلئ السلة من الثمار التي تتساقط على السَّلة، ولكنهم ما قدروا هذه النعم، بل أعرضوا تماماً وفحشوا بأسلوبهم مع الله، بعض الناس يحارب الله جهراً؛ يقاطع المسجد، فلا يعرف الصلاة، ليله ونهاره غناء وتطبل

قرية سبأ أغضبوا الله، فما حاربهم الله بجيش أو أنزل عليهم ملائكة؛ لأنهم أصغر وأذل، قال بعض العلماء: يا ضعيف العزم! يا فقير الإرادة! أتحارب الله؟ الله لما حاربه نمرود بن كنعان ، أرسل له بعوضه فقتلته، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:73-74] ويقول سبحانه: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [سبأ:22] ويقول سبحانه: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:41] أرسل الله عليهم فأر نقَّض عليهم جسرهم وسدهم


وفي الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام:
{أن ثلاثة من بني إسرائيل } انظر إلى الشؤم واللؤم وانظر إلى حفظ النعم، وشكر الواحد الأحد، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [إبراهيم:28] ثلاثة من بني إسرائيل أقرع وأبرص وأعمى، أراد الله أن يبتليهم، فأرسل إليهم ملكاً،

فذهب إلى الأقرع، فقال: ماذا تريد؟ قال: أريد شعراً على رأسي يجمله، فقد قذرني الناس، فسأل الله أن يعطيه شعراً، فجمل الله رأسه بالشعر في لحظة، -إنما أمره إذا أراد شيئاً، أن يقول له: كن فيكون- قال: ماذا تريد من العطايا؟ قال: أريد الإبل، فدعا الله له فأعطاه الله ناقة فولدت حتى ملأت الواديان،

وذهب إلى الأبرص، قال: ماذا تتمنى؟ قال: أريد من الله أن يجمِّل جلدي ويذهب هذا العوار في جسدي لأكون جميلاً، فسأل الله فرد الله عليه جلده الجميل في لحظة، قال: ماذا تريد من المال؟ قال: أريد البقر، قال: فسأل الله أن يعطيه بقرة، فولدت حتى ملأت الوديان،

وذهب إلى الأعمى، قال: ماذا تريد؟ قال: أمنيتي أن يرد الله علي بصري لأرى، قال: اللهم رد عليه بصره، فعاد البصر:
ما بين غمضة عين وانتباهتهـا يغير الله من حال إلى حال

فرد عليه البصر في لحظة، قال: ماذا تريد؟ قال: الغنم، قال: اللهم ارزقه الغنم، فأعطاه الله شاة فولدت فملأت الوديان، ثم عاد المَلَك فحول الله صورته إلى صورة فقير -ولله الحكمة البالغة- فأتى هذا المَلَك صاحب المقامات الأُوَل، في صورة فقير عليه ثياب بالية.

فذهب إلى الأبرص أو الأقرع وقال: أنا فقير منقطع، انقطعت بي السبل والحبال، فلا مغني إلا الله، أعطني مما عندك، قال هذا الأقرع: الحقوق كثيرة، والمال ورثته كابراً عن كابر، ولا عندي لك شيء، قال: كأنك كنت أقرع قبل؟ قال: لا. المال ورثته كابراً عن كابر، -يعني ورثته بجدارة- قال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت عليه، فسلب الله نعمه، فعاد إلى حالته الأولى.

وذهب إلى الأبرص، وقال: أنا فقير منقطع فأعطني مما أعطاك الله -أو كما قال- قال: ما عندي شيء، والحقوق كثيرة، قال: كأنك كنت من قبل أبرص فقيراً؟ قال: لا. ورثت المال كابراً عن كابر، قال: إن كنت كاذباً، فصيرك الله إلى ما كنت عليه، فرده الله القهقرى وعاد إلى حاله، ثم سار إلى الأعمى -وكان الأعمى عاقلاً، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، رأى نعم الواحد الأحد فشكرها:

إذا كان شكري نعمة الله نعمةً فأين يطاق الشكر أم كيف يشكر

إذا كان شكرك نعمة على النعمة، فكيف تشكر نعمة الواحد الأحد.

للشيخ الدكتور عائض القرني


 

Sample Text

أنا إن عشت لست أُعدم قوتا ** وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسـي** نفس حر ترى المذلة كفرا
وإذا ما قنعت بالقوت عمري** فلماذا أخاف زيدا وعمروا



إذا وقع الذباب على طعام رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء إذا كن الكلاب ولغن فيه

إذا كنت في نعمة فارعها
فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بتقوى الإله
فإن الإله سريع النقم

لسانك لا تذكر بها عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معايباً لقوم
فقل يا عين للناس أعين

يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا
وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه
كم نطلب الله في ضر يحل بنا
فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا
فإن رجعنا إلى الشاطي عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة
فما سقطنا لأن الحافظ الله


فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها *

وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ

وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها *

هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ

خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها *

لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ

يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً *

يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ








My Blog List

Powered by Blogger.

Dreams Of An Inspired Mind: Muslim-ized

john cena
Subscribe to Feed


مدونة أفلا يتدبرون القرآن

john cena

My Blog List

Blog Archive