Friday, August 21, 2009

فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا



بسم الله الرحمن الرحيم


فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ الاعراف :144



فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا النساء: 19



{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ البقرة: 216



منذ ثلاث سنوات كتبت إليك رسالة من سلسلة رسائل النكد الزوجي التي كنت تنشرها في ذلك الوقت وشكوت لك من تصرفات زوجتي النكيدية التي تجعل حياتي معها غير محتملة وكيف أنها تهوي البكاء في كل مناسبة سواء لمرض أحد أفراد أسرتها أو لأني انتقدتها في شيء عابر من شئون الحياة اليومية‏,‏

فإذا لم تبك تعمدت استفزازي بإجبار طفلتنا علي الصراخ والبكاء بإرغامها علي تناول الطعام قسرا أو بحرمانها من اللعب عقابا لها علي أي خطأ إلي جانب اعتبارها لكل تصرف من تصرفات أهلي تجاهها إهانة لها‏,‏ وبعد كل زيارة منهم لنا تلقني محاضرة في حقوق الزوجة وكيف أن واجب الزوج هو التربص لكل بادرة تشتم منها رائحة الإسادة لزوجته‏,‏ فيهب ممتطيا حصانه وشاهرا سيفه في وجوه أهله إلي آخر ما ذكرته لك في حينه‏,‏ وقد قرأت ردك علي رسالتي ورسائل غيري من الأزواج الذين شاركوا في مسلسل النكد الزوجي‏,‏

فوجدتك بالرغم مما ذكرته في ردودك عن تأثير هذا السحر اللعين للنكد علي الحياة الزوجية تدعوني وغيري من ضحايا النكد الزوجي إلي الصبر والتضحية من أجل أطفال لا ذنب لهم في شيء‏,‏ ومحاولة التكيف مع الأمر الواقع والتقليل بقدر الامكان من أثر هذا السحر اللعين علي الحياة الزوجية‏..‏ الخ‏


لكني رغم اقتناعي بما قلت لم استطع مواصلة الاحتمال وحسمت أمري علي الانفصال عن زوجتي وطلب مني والدها التروي قبل اتخاذ تحملت هذا القرار من أجل طفلتي التي أحبها وتحبني كثيرا لكني سددت أذني عن النصيحة وتم الانفصال وبدأت أبحث عن عروس أخري وأحلم بالسعادة والهناء معها وبعد ستة شهور من الانفصال كنت قد ارتبطت بفتاة أخري رشحتها لي أسرتي وتزوجتها‏,‏ وأملت أن أجد سعادتي وهددء بالي معها‏,‏ وبعد شهرين من الزواج علمت أن مطلقتي قد وضعت طفلي الثاني وأنها كانت قد أخفت عني حملها عند الانفصال لكيلا ترغمني علي العودة إليها مضطرا وأصارحك القول بأن مشاعري لم تتحرك في ذلك الوقت لرؤية وليدي الجديد‏,‏ ربما لأن أمه كانت قد أقامت ضدي دعوي نفقة للطفلين بالرغم من أن والدها ميسور الحال وتصورت‏,‏ كما أقنعني بذلك الجميع أنها تصر علي ملاحقتي بالنكد حتي بعد انفصالنا‏,‏

وتمنيت أن أنسي كل ما جري في حياتي السابقة‏,‏ وأن تعوضني عنه زوجتي الجديدة‏,‏ لكني وجدتها بعد شهور قليلة من الزواج تضيق بمشاكلي وأحزاني‏,‏ ولا تحتمل ظروفي المادية الجديدة التي فرضتها علي الظروف مؤقتا بسبب تكاليف الزواج الجديد‏,‏ ودفع مستحقات الزوجة السابقة‏,‏ بل وجدتها كذلك لا تحتمل أي نقد ولو كان رقيقا لأي تصرف من تصرفاتها‏,‏ وإنما تثور علي ثورة هائلة وتفقد سيطرتها علي لسانها فتوجه لي أفظع السباب ولربما قذفتني كذلك خلال انفعالها بأي شيء تجده أمامها من الأدوات المنزلية‏.‏


وخلال ذلك توفي أبي إلي رحمة الله وأصبحت أمي وحيدة في مسكنها وقبل أن أفكر في فعل أي شيء للتخفيف عنها‏,‏ وجدت زوجتي ترفض باصرار إقامتها معنا ولو لفترة مؤقتة عقب الوفاة وتضعني في حرج شديد أمام اخوتي وأهلي‏,‏ في الوقت الذي جعلت فيه من بيتي أرضا مشاعا لكل أقاربها حتي الدرجة الثالثة يأتون إليه في أي وقت‏,‏ وترحب بهم في كل حين‏,‏ وحرمت بيتي في المقابل علي أهلي‏,‏ ومن يغامر بزيارتنا وتفلت منه ولو علي سبيل المزاح كلمة تعتبرها أساءة لها يكون مصيره الطرد بلا رحمة‏.‏


وتساءلت أين السعادة التي بحثت عنها وهجرت من أجلها زوجتي الأولي وأطفالي؟

وتراكم الإحساس بالمرارة في أعماقي لكني تحملت كل شيء خوفا من الفشل الثاني في الزواج ومن شماتة زوجتي السابقة‏,‏ وفي أحد أيام شهر مضان الماضي توجهت لأحد المساجد الكبري لأداء صلاة التراويح وبكيت في صلاتي وأنا اتذكر طفلتي الحبيبة وطفلي‏,‏ الذي قارب علي العام الأول من عمره ثم هممت بمغادرة المسجد بعد الصلاة فوجدت والد مطلقتي أمامي واتجهت إليه لأحييه فأشاح الرجل بوجهه عني لكني لاحقته وتوسلت إليه بالمكان الطاهر الذي يجمعنا وأيام الشهر الفضيل الذي نعيشه أن يسمح لي برؤية أطفالي وتحملت صابرا جرحه لكرامتي وهو يذكرني بأن الأبناء ليسوا فقط زينة الحياة الدنيا‏,‏ وإنما هم أيضا مسئولية كبري لا يصح التنصل منها أو التخلي عنها ليتحملها عني الآخرون‏,‏ ووافق في النهاية علي أن آراهما وتوجهت معه إلي البيت وشعرت حين رأيتهما بالسعادة والحزن في نفس الوقت السعادة لرؤيتهما والحزن لحرمان نفسي من الاستمتاع بقربهما وملاحظة مراحل نموهما عن قرب وغلب الحزن علي السعادة في قلبي حين رأيت طفلي الجديد وهو يخطو خطواته الأولي وينظر إلي في ترقب وشك ولا يعرفني للأسف‏.‏



ورجعت إلي وكر النكد الحقيقي وحمدت الله حين وجدت زوجتي نائمة‏,‏ وتهيأت للنوم فإذا بالعاصفة تهب علي غير انتظار وإذا بزوجتي تصحون من نومها وتنفجر في بسيل من الكلمات البذيئة لأنني لم استأذنها في التأخر عن العودة للبيت وإذا بها أيضا بها تقذفني بوسادة تطير كالقذيفة وترتطم بوجهي فلم أشعر بنفسي إلا وأنا أنها عليها ضربا بعد أن نفد صبري‏,‏ وطلقتها‏..‏ ووضعت النهاية المخزية لهم السعادة والابتعاد عن النكد الزوجي‏..‏ ووافقت علي تسليمها أثاثها وديا علي ان تبقي في البيت الي حين انتهاء عدتها‏,‏ وتسلم والدها أثات ابنته ومزق امامي قائمة المنقولات‏,‏ وتركت لها البيت وانفردت بنفسي ورجعت أتساءل عما فعلت بنفسي وحياتي‏,‏


فلم يمض أسبوعان حتي فوجئت بالزوجة الثانية وقد أقامت ضدي دعوي تبديد لأثاث الزوجية‏..‏ واكتشفت بعد فوات الأوان أن القائمة التي مزقها الأب لم تكن القائمة الأصلية‏,‏ وحاولت بالرغم من ذلك التفاهم معها وديا لتجنب الوقوف امام المحاكم فكان ثمن تنازلها عن هذه الدعوي هو ان ادفع لها مرة اخري ثمن الأثاث الذي تسلمته بالفعل تأديبا لي علي ما فعلت وراحت اسرتي تلح علي في اعادتها الي عصمتي لكي تتنازل عن دعوي التبديد بلا شرط لكني رفضت ذلك وآثرت ان افترض المال لأسدد ليها المبلغ المطلوب‏,‏ ولم تكتف سامحها الله بذلك وانما اصرت عند انتهاء عدتها دون ان اعيدها لعصمتي علي الا تترك البيت الا بعد الحاق كل ما تستطيع من ضرر بالشقة قبل مغادرتها من اتلاف للجدران الي تكسير النوافذ وأطقم الحمامات إلخ‏..‏ ورجعت الي البيت فوجدته خرابا‏..‏ وفي غمار ذلك تلقيت من عملي انذارا بالاستغناء عني اذا لم ارجع الي سابق انضباطي والتزامي بمواعيد العمل‏,‏ بعد ان كثرت ايام غيابي بسبب هذه الظروف‏,‏



وبعد انتهاء العاصفة وجدتني افكر في زوجتي السابقة وعيو بها التي دفعتني لإنهاء حياتي معها‏,‏ وبنظرة عادلة هذ المرة للعيوب المزايا‏,‏ وجدت انها اذا كانت تبكي كثيرا لأي شئ او لمرض احد ذويها‏,‏ فقد كانت علي الناحية الأخري تجلس علي الأرض الي جواري اذا اصابني بعد عابر وان كنت اراه قسوة من جانبها علي طفلتنا كان سببه الخوف عليها ورغبتها في توجيهها الي الصواب وما كنت اسمعه من شكوها من اهلي وثورتها علي تصرفاتهم معها لم يكن يتجاوز في النهاية حدود الكلام والغضب المؤقت‏,‏ ثم ما كان اسهل ارضائها بعد ذلك بأقل كلمة اعتذار مني ولو كانت ساخرة‏,‏ فضلا عن انها لم تحرجني امامهم مرة احدة ولم تتعمد اهانتهم في بيتي او طردهم منه كما فعلت زوجتي الثانية بل كانت بالرغم من كل خلافاتها معهم توصيني بالبر بهم وصلة رحمهم‏,‏ حتي توقفها مني بعد انفصالنا لم يتجاوز الرغبة المشروعة في ا لحصول علي حق اطفالي مني واشعاري بمسئوليتي عنهم لكنها لم تتعمد ابدا ايذائي او الافتراء علي ظلما كما فعلت الزوجة الثانية وبعد تفكير طويل رغبت في إصرار في استعادتها والاعتذار لها‏,‏ عن كل ما جري وسعيت اليها آملا في ان تكون الأيام قد علمتنا نحن الاثنين درسها القاسي‏,‏ لكنها رفضت مقابلتي وذكرني والدها حين فاتحته برغبتي في استعادة ام اطفالي برسالتي التي ارسلتها اليك ونشرتها في حينها وما ذكرته فيها عن ابنته فقررت ان ا كتب اليك مرة اخري ليس فقط لكي تقنعها بالعودة الي وانما ايضا لكي ارفع عنها الظلم الذي ظلمته لها في رسالتي السابقة اليك وارجو الا تبخل علي بمساعيك الحميدة هذه المرة ايضا لإقناعها بالعودة الي بدء صفحة جديدة من حياتنا لأنني في اشد الحاجة اليها الآن لكي اتجاوز محنتي‏..‏ وارجو ان تصفح هي عني ويكفيها انني قد عرفت بالتجربة القاسية النكد الحقيقي المدمر خلال زواجي الثاني والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏

الخلاصة

آفة الانسان القديمة في كلمة الصبر علي ما يشكو منه ولو كان هينا بسيطا‏,‏ ولميلة العريزي للرثاء لنفسه واعتبارها ضحية للآخرين عن طريق تضخم عيوبهم وابراء النفس من كل شبهة عيب او خطأ من جانبه في حقهم‏.‏

الفضلاء حقا هم من لا يخرجهم الخلاف والغضب عن التزامهم بالعدل والفضل مع الآخرين ولو آذاهم هؤلاء الآخرون وافتروا عليهم السوء‏.‏ فالخلاف هو محك الأخلاقيات الحقيقية للإنسان وليس الرضا والوفاق‏.‏
وفي ذلك يقول الشاعر‏:‏

من يدعي الحلم أغضبه فتعرفه ...................... لا يعرف الحلم إلا ساعة الغضب

ويقول الإمام ابن حزم الأندلسي‏:‏
أفعال كل امرئ تنبني بعنصره .................... والعين تغنيك عن أن تطلب الأثر

الأفضل دائما هو ألا يحتاج الإنسان لأن تطحنه التجربة القاسية لكي يعرف اقدار الآخرين ويعترف لهم بفضائلهم‏,‏ فإن ما يتعلمه المرء من جحيم التجربة قد يكون في كثير من الأحيان أعمق أثرا في حياته وأفكاره‏..‏ لأنه قد دفع ثمنا غاليا لما اكتسبه من حكمة وفهم للحياة‏,‏




عبد الوهاب مطاوع
بريد الجمعة ١٨ يونيو ١٩٩٩



 

Sample Text

أنا إن عشت لست أُعدم قوتا ** وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسـي** نفس حر ترى المذلة كفرا
وإذا ما قنعت بالقوت عمري** فلماذا أخاف زيدا وعمروا



إذا وقع الذباب على طعام رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء إذا كن الكلاب ولغن فيه

إذا كنت في نعمة فارعها
فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بتقوى الإله
فإن الإله سريع النقم

لسانك لا تذكر بها عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معايباً لقوم
فقل يا عين للناس أعين

يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا
وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه
كم نطلب الله في ضر يحل بنا
فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا
فإن رجعنا إلى الشاطي عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة
فما سقطنا لأن الحافظ الله


فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها *

وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ

وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها *

هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ

خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها *

لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ

يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً *

يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ








My Blog List

Powered by Blogger.

Dreams Of An Inspired Mind: Muslim-ized

john cena
Subscribe to Feed


مدونة أفلا يتدبرون القرآن

john cena

My Blog List

Blog Archive