Wednesday, April 14, 2010

قصص من التاريخ:::(جونز تاون):::الفراغ الروحي واكبر عملية انتحار جماعي في التاريخ









:



يوم 18 نوفمبر من عام 1978، كان الأمريكيون على موعد مع فاجعة ...لقد قام نحو 900 شخص بالانتحار الجماعي في مكان و زمان واحد و ذلك في مزرعة "جونز تاون " التي كانت مركزا لطائفة دينية عرفت باسم "كنيسة الشّعب
Peoples Temple "

ماذا حدث و من هو جيم جونز ؟؟؟

نعود بالزمن إلى الوراء، بالضبط إلى عام 1956 عندما تأسست الطائفة الدينية المسمّاة "كنيسة الشعب" على يد (جيم جونز) لقد آمن هذا الأخير بمبادئ الشيوعية و مثلها العليا، حيث يكون المجتمع الشيوعي الذي لا يفرّق بين عرق أو لون، حيث تعيش جميع الأعراق والطوائف في وفاق تامّ في ظلّ العمل من أجل المصلحة العامّ و إيثار الغير على النّفس.لقد كانت أعوام الستّينات و السبعينات مسرحاً لدعاة التحرر و الانعتاق من كل دين أو ضابط، مما أدّى لظهور عشرات الطوائف الدينية الجديدة، كان معظم أعضاء هذه الحركات الدينية الجديدة من المراهقين والشباب البيض من الطبقات الوسطى ذوي المستوى التعليمي الجيّد نسبياً، و لكن كان يغلب عليهم الفراغ الروحي و العاطفي

(جيم جونز) بدأ الترويج لأفكاره في أوساط جماعة مسيحيةتدعى "الخمسينية " التي كان معظم أعضائها من اصحاب البشرة السمراء، بالإضافة إلى مجموعة من البيض أغلبهم من كبار السنّ إضافة إلى بضعة أشخاص مثقّفين ذوي مستوى تعليمي عالي جلبهم الفراغ الروحي
، لاقت أفكار (جونز) المثالية رواجاً بين أعضاء جماعة "الخمسينية" و بدأ يستقطب أتباعاً، لقد كان يدعو إلى نبذ العنصرية و التفرقة في الوقت الذي كانت فيه أمريكا تنضح بالكراهية ضد السود، لقد كان يدعو إلى اندماج السود و البيض في مجتمع واحد و تعايشهم بسلام في الوقت الذي كان الرئيس الأمريكي يخطب طالباً عزل السود عن البيض في المدارس و الجامعات و الأحياء السكنية بل و حتّى المواصلات العامّة...

لقد كان (جيم جونز) في بداياته داعية السلام و الخير، لقد ساعد أتباعه في الحصول على عمل و ساعد الفقراء و المحتاجين منهم، و لكن سرعان ما بدء يطالبهم بالانضباط و الولاء الأعمى له و عدم مخالفة أوامره و تعاليمه (و كان له ما أراد), في عام 1965، انتقل برفقة 100 من أتباعه إلى شمال كاليفورنيا، و بدأت هذه الجماعة في التكاثر و التزايد و أنشأت المزيد من دور التعبّد التي يجتمع فيها أعضاء هذه الطائفة و تمّ تأسيس مركز رسمي في مدينة "سان فرانسيسكو".

خلف الصورة التي حاول (جيم جونز) ترويجها للرأي العامّ عن نفسه عن أنّه الزعيم المحبوب و داعية الحبّ و السلام و صديق الفقراء و المساكين، كان يختبأ رجل مضطرب نفسياً يتراءى له أنّه المسيح بشحمه و لحمه، تارة يدّعي أنهّ "فلاديمير لينين و تارة أخرى أنّه "نبيّ صدّيق" حتّى أنه زعم في أواخر أيّامه أنّه هو "الله" نفسه قد نزل على هيئة بشر !!!

لقد أضحى مع مرور الوقت المعبود الأوحد لأتباعه الذين لا يعصون له أمراً و لا يناقشون له طلباً، لقد رأوا فيه مخلّصهم من "الكوارث" المزعومة التي تنبّأ بها (جونز) كأن تحدث حرب نووية تقضي على جميع سكّان الأرض أو طوفان عظيم يأتي على الأخضر و اليابس و طبعاً الناجي الوحيد من هذه الكوارث هام أتباع هذا الرجل المعتوه كما وعدهم في الكثير من خطبه كان يهاجم الرأسمالية و التفرقة العنصرية، و لكن في غالب الأحيان كان يركّز على ما يسمّيهم "الأعداء" المتربّصين به و بأتباعه و خطرهم الداهم و هم الحكومة و الشرطة و عامّة الناس و الصحف و المجلات، أو باختصار "الجميع".

دفع هذا الرعب و الخوف المفتعل إلى هجرة أعضاء الطائفة من أمريكا الشمالية بأكملها، متوجّهين نحو غابة معزولة تقع في أمريكا الجنوبية و بالضبط في شمال دولة "غايانا Guyana "، حيث أنشئوا هناك مستوطنة أسموها "مدينة جونز" تيمّناً بزعيمهم (جيم جونز) و بدأ الأتباع بالتدفّق إلى ذلك المكان سعياً وراء الانعزال و ممارسة طقوسهم بكلّ حرّية و فراراً من إزعاج الحكومة الأمريكية و تحرشات المواطنين.

لقد كان يُفترض بهذه المستوطنة أن تكون "المدينة المثالية" أو "جنّة الله على أرضه" كما يسمّونها، و لكن كان كلّ من يصل إلى هناك يصاب بإحباط شديد و صدمة كبيرة لأنه لم يجد ما كان يتوقّعه، لقد كانت البيوت الخشبية الصغيرة التي تمّ بنائها هناك لا تكفي لاستيعاب العدد الكبير من الوافدين مما أدّى إلى تكدّسها لدرجة أنه كان ينام عشرات الأشخاص في غرفة ضيّقة لا تسع أكثر من اثنين، كما أن الفصل بين الجنسين كان مطبّقاً هناك لذلك كان يجبر الأزواج على الافتراق و كلّ منهم ينام على حدة...الحرارة و الرطوبة الكبيرة كان لا تُحتمل مما أدّى لإصابة الكثيرين بأمراض خطيرة، كما أن معظمهم كانوا يُجبرون على العمل الشاقّ في الحرارة الشديد أحياناً لـ16 ساعة في اليوم دون انقطاع...
في المستوطنة، كان أعضاء الجماعة مجبرين على الاستماع لثرثرة (جيم جونز) على مكبّرات الصوت المنصبة في كل مكان حتّى أنّه كان يغنّي بأعلى صوته في الليل !!

لقد كانت الظروف كارثية بالفعل، مما أدّى بالبعض إلى الرغبة بمغادرة ذلك المكان و لكن بما أن المستوطنة كانت معزولة و محاطة بأدغال لا نهاية لها، فكان يتعيّن على الراغبين في المغادرة طلب الإذن من (جونز) لكي يرشدهم إلى طريق الخروج، و لكنّه كان يعتبرهم ملكه أي عبيده و لا يجوز لهم الفرار من طاعته و خدمته و أضحت تلك المستوطنة كسجن بدون قضبان.

وصل أمر هذه المستوطنة و ظروفها المزرية إلى نائب الكونغرس الأمريكي (ليو رايان ) الذي قرر الذهاب إلى هناك و التحقق بنفسه مما يجري، و اصطحب معه فريق من المراسلين الصحفيين و مجموعة من أقارب الفارّين إلى تلك المستوطنة...في الوهلة الأولى، بدا لـ(ليو رايان) ان كل شيء يسير على ما يرام و أنه لا شيء يدعو للقلق، و لكن في تلك الليلة و أثناء طقس تعبّدي يتخللّه رقص و غناء هستيري تسلّم أحد الصحفيين المرافقين للسيناتور (ليو) ورقة صغيرة مكتوب عليها أسماء من يريدون المغادرة و الذين كانوا يكتمون رغبتهم خوفاً من غضب (جونز) و هنا اتّضح لهذا الأخير أنه فعلاً هنالك أشخاص محتجزون هنا رغماً عن إرادتهم.

في اليوم الموالي 18 نوفمبر 1978، أعلن السيناتور (ليو رايان) نيّته في اصطحاب الراغبين في المغادرة نحو الولايات المتحدة، و لكن لم يستجيب سوى بضعة أشخاص و امتنع البقيّة خوفاً من ردّة فعل زعيمهم (جيم جونز)...صعد الراغبين في المغادرة على متن شاحنة جاء بها السيناتور و الذي بقي في المؤخّرة و الباب الخلفي للشاحنة مفتوح و ذلك حتّى يتأكّد من انه لا يوجد شخص آخر يريد المغادرة أيضاً، بعدما أقلعت الشاحنة و على حين غرّة تفاجأ السيناتور بأحد أتباع الجماعة يقفز عليه من حيث لم يره و يحاول ذبحه بساطور ضخم، و لكنّه يفشل في الوصول إلى الرقبة و يقع متدحرجاً على الطريق

، عندما وصل السيناتور و مرافقوه إلى المطار وجدوا أن جميع الطائرات قد أقلعت فقبعوا ينتظرون ريثما تصل طائرة جديدة، و في هذه الأثناء توقّفت سيارة رباعية الدفع و ترجّل منها أشخاص مسلّحون فتحوا النار على الشاحنة، فقُتل خمسة أشخاص على الفور بينهم السيناتور (رايان).


في هذه الأثناء، دعا (جيم جونز) جميع أتباعه إلى لقاء عاجل في المعبد حيث خطب فيهم قائلاً :"تيّقّنوا يا أبنائي و أحبّائي أن العساكر الأمريكية قادمة لا محالة، و عن قريب سترون الطائرات الأمريكية تقصف ضيعتنا الآمنة و تقتل حتّى صغارنا و أطفالنا" و أضاف :" الحلّ الوحيد أمامنا هو اللجوء إلى عملّ بطوليّ ثوري لم يُشهد له سابق في التاريخ" و طبعاً هذا العمل "البطولي" هو الانتحار الجماعي. حاولت إحدى السيدات معارضة الفكرة و لكنّها تلقّت هجوماً شديداً من البقيّة الذين يثقون في (جونز) بشكل أعمى.

عندما وصل خبر مقتل السيناتور إلى مسامع (جونز)، أصبح أكثر إلحاحاً و عجالة من ذي قبل و صرخ قائلاً :"أتعلمون ما الذي ينتظركم عند نزول المظليين على أرضنا ؟ سوف يعذّبونكم عذاباَ شديداً، سيعذّبون أطفالنا الصغار أمام أعيننا و سيسلخون عجائزنا أحياءاً و نحن نسمع صرخاتهم و تأوّهاتهم...لم نسمح بحدوث هذا".


جُلبت أوعية كبيرة و مُلئت بخليط قاتل من سمّ السيانيد و حامض الفاليوم ثمّ وُضعت عند مدخل المعبد، بدأ تسميم الأطفال الصغار أوّلاً، تمّ استعمال الحقن لحقن الخليط السامّ في أجسادهم الطريّة، ثم جاء الدور على الأمهات التي انتحرن بنفس الطريقة التي قُتل بها صغارهن، ثم توالى الدور على البقيّة و إن فكّر أحدهم في مخالفة الأوامر فسيجد المسدسات و السواطير وجّهة صوبه...استغرقت الوفاة بهذه نحو الطريقة نحو خمسة دقائق، خمسة دقائق من الألم القاتل و التلويّ أرضاً و العذاب الشديد.

في ذلك اليوم المشئوم من شهر نوفمبر 1978، انتحر 912 شخصاً عن طريق شرب السمّ، 276 منهم كانوا من الأطفال الصغار، انتحر (جيم جونز) عن طريق رصاصة في الرأس...بضعة أشخاص فقط كُتب لهم النجاة من هذه المأساة ليرووا لنا تفاصيلها المؤلمة و المرعبة في آن واحد، لقد نجا بعضهم عبر الهرب نحو الأدغال و البعض الآخر عبر الاختباء في أرجاء المستوطنة، و لكن جميعهم أجمعوا أنه قد كُتبت لهم حياة جديدة.
رغم أن هذه المأساة وقعت منذ أكثر من ثلاثين سنة إلا أنها بقيت محفورة في ذاكرة الأمريكيين ، و في ذاكرة العالم بأسره لتكون مثالاً حيّاً عن جنون الإنسان و خطورة الفراغ الروحي


******ملحوظة :- اكبر عملية انتحار جماعي المقصود (تمت في وقت واحد )..لان هناك عمليات انتحار جماعية نتج عنها عدد اكبر من الضحايا ..مثل الانتحار الجماعي للجنود اليابانيين او ما يعرف ب (الكاميكاز) في الحرب العالمية التانية (3,912 قتيل) لكنها تمت علي فترات متفاوتة


المصادر

Dvd4Arab
time magazine
Wikipedia

8 comments:

كلمات من نور said...

الطف بعبادك يارب ..سبحان الله ديننا دين يسر و صلاح وراحة بال .أما هؤلاء فالشك و عدم الإيمان أودى بهم إلى مصير سيء .ربي يعافينا و أبنائنا و أهلينا و أمة محمد من الشك والشرك ......آمين آمين آمين

Mohamed said...

ام البنين الغالية ...حقيقي الغرب فيه فراغ روحي رهيب...بيدفع لحالة من التخبط ..حياة بلا ايمان حياة مليانة تخبط و شك ...الي حصل نتيجة طبيعية ...نسئل الله العفو و العافية ..لك كل التحية و التقدير ..ربنا يبارك لي حضرتك يا رب

Anonymous said...

قرأت عنه من فترة ثم شاهدته من حوالي ثلاث سنوات على قناة على ما اتذكر العربية
كان الجو غريبا مخيفا
و اذكر أن سيدة ت عدت السبعين اختبئت تحت سرير و كانت من القلائل الناجين
مع تحياتي

Anonymous said...

Gracias por este magnífico post. Admirando el tiempo y el esfuerzo que puso en su blog y la información detallada que usted ofrece.

Anonymous said...

Es evidente que hay mucho que aprender acerca de esto. Creo que hizo algunas cosas buenas en características también. Sigue trabajando, gran trabajo!

Anonymous said...

Hey very nice blog!! Man .. Beautiful .. Amazing .. I will bookmark your blog and take the feeds also…

Anonymous said...

لقد كنت أعني إلى آخر عن شيء مثل هذا على صفحة الويب الخاصة بي وكنت أعطاني فكرة. هتاف.

Anonymous said...

Esto fue muy interesante. Me encantó la lectura

 

Sample Text

أنا إن عشت لست أُعدم قوتا ** وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسـي** نفس حر ترى المذلة كفرا
وإذا ما قنعت بالقوت عمري** فلماذا أخاف زيدا وعمروا



إذا وقع الذباب على طعام رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء إذا كن الكلاب ولغن فيه

إذا كنت في نعمة فارعها
فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بتقوى الإله
فإن الإله سريع النقم

لسانك لا تذكر بها عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معايباً لقوم
فقل يا عين للناس أعين

يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا
وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه
كم نطلب الله في ضر يحل بنا
فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا
فإن رجعنا إلى الشاطي عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة
فما سقطنا لأن الحافظ الله


فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها *

وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ

وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها *

هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ

خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها *

لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ

يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً *

يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ








My Blog List

Powered by Blogger.

Dreams Of An Inspired Mind: Muslim-ized

john cena
Subscribe to Feed


مدونة أفلا يتدبرون القرآن

john cena

My Blog List