Tuesday, February 16, 2010

محاولات لفهم النفس البشرية(١)::: و من شر حاسد اذا حسد(1)::: الدنيا تضيق على المتزاحمين



الحسد يكثر بين قوم تكثر بينهم هذه الأسباب من العداوة، أو التعزز أو خبث النفس، أو حب الرئاسة وطلب الجاه. وإذا كان شخص واحد يحسد شخصاً واحداً أو أكثر فهذا قد يكون يسيراً، لكن قوم تكثر بينهم الروابط ويجتمعون في المجالس ويتواردون على أغراضهم فهذا أقوى ما يكون،

ولابد من مهنة رابطة بين الناس الذين يحسد بعضهم بعضاً، فإذا تجاور الناس في مكتب، أو في سوق، أو في عمل، فإنهم تتناقض أغراضهم، ويحصل تعارض بين الأغراض، فيقع التنافر الذي يورث الحسد؛ لأن الغرض الواحد لا يجمع متباعدين، بل يجمع متناسبين، فلذلك يكثر الحسد بينهما.


كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري فقال: (مر ذوي القرابات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا). أي: لأنهم لو تجاوروا ربما وقع من ذوي القرابات حسد أشد من الشخص البعيد؛ لأنهم في الغالب يتواردون على غرض واحد فتقع المنافسة والمنازعة.

كما يقع أيضاً من أصحاب الحرفة الواحدة، فتجد صاحب حرفة معينة يكره الذي ينافسه على الزبائن -مثلاً- في نفس الحرفة، لكن لو كانت حرفة أخرى لا ينازعه فيها أحد ففي الغالب أنه لا يقع الحسد من هذا الجانب. فالتاجر يحسد التاجر، والمرأة تحسد ضرتها أكثر مما تحسد أم الزوج وابنته؛ لأن الضرتين يتنازعان على غرض واحد وهو الزوج، فتحسد المرأة ضرتها أكثر مما تحسد ابنة زوجها، والشجاع يحسد الشجاع، لكن الشجاع لا يحسد العالم؛ لأنه ليس هناك تنافس بينهما في صفة واحدة؛ لأن هذا الشجاع مقصده أن يذكر بالشجاعة، ويمتلك هذه الصفة، ويشتهر بها، والعالم لا يزاحمه على هذا الغرض.

ومنشأ الحسد والسبب الحقيقي للحسد هو حب الدنيا؛ لأن الدنيا تضيق على المتزاحمين، أما الآخرة فلا ضيق فيها، إنما مثال الآخرة نعمة العلم ومعرفة الله سبحانه وتعالى، فلا جرم أن من يحب معرفة الله ومعرفة صفاته وملائكته وأنبيائه وملكوت سماواته وأرضه لن يحسد غيره إذا عرف ذلك أيضاً؛ لأن هذا كله يتسع للجميع، فلو ذهب شخص إلى البحر أو أي مكان في الأرض ليتمتع بالنظر إلى السماء وما فيها من سحاب أو نجوم أو أي شيء من هذه المناظر، فهل يحسده الناس على ذلك؟ وهل سمعتم من يحسد آخر بأنه يتمتع بالنظر إلى النجوم في السماء؟

لكن يقع الحسد إذا كان الشخص له بستان جميل يتمتع وينتفع به، فيقع الحسد هنا؛ لأن الدنيا ضيقة، أما الآخرة فواسعة وفسيحة، فالمعرفة لا تضيق عن العارفين، لذلك المعلومة الواحدة يعلمها مليون شخص ويهتمون بها، ويفرحون بمشاركة غيرهم فيها، بل ربما يحصل بكثرة العارفين لهذه المعلومة زيادة الأنس وثمرة الاستفادة والإفادة، فالإنسان إذا كان يدعو إلى الله سبحانه وتعالى ويدعو العباد إلى التوبة، أليس يحب كثرة السائلين وكثرة المستغفرين؟! فمن أجل ذلك لا يتصور أن يقع بين علماء الدين محاسدة؛ لأنهم يعملون لوجه الله سبحانه وتعالى، ومقصدهم معرفة الله، وهذا بحر واسع لا ضيق فيه، وغرضهم المنزلة عند الله ولا ضيق فيها أيضاً؛ لأن هذه المنزلة عند الله واسعة فسيحة جنة عرضها السماوات والأرض، لكن إذا قصد العالم بعلمه أو بدعوته الجاه أو المال أو أي شيء من أغراض الدنيا فقد خرج من كونه عالماً بالدين إلى صائد يصطاد الدنيا بالدين. فمن أجل ذلك طهر الله سبحانه وتعالى قلوب أهل الجنة من المحاسدة فلا يقع بين أهل الجنة محاسدة، كما قال عز وجل: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47] لأن نعمة الجنة نعمة واسعة لا زحمة فيها، ولذة لا كدر فيها، أما الحسد فهو من صفات المبعدين عن سعة عليين إلى ضيق سجين ولذلك وسم به الشيطان اللعين

الطبيب الشيخ محمد اسماعيل المقدم

4 comments:

د/عرفه said...

الحسد واحد من ابرز امراض القلوب

ودليل على نقص فى شخصية صاحبه



وربنا يصرف الحسد
من قلوب المسلمين

Anonymous said...

اللهم انزع مافي قلوبنا من غل وأحسن إلينا وتوفنا مسلمين اللهم أمين

جزاك الله كل الخير

ماما أمولة

كلمات من نور said...

ربي يبعد عنا الحسد والحساد
إلا في اثنتان كما قال رسولنا الكريم

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً، فسلطه على هلكته في الحق. ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها، ويعلمها" متفق عليه

ربي يكرمك يا محمد وتسلملي على سؤالك عني

كلمات من نور said...

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَن

 

Sample Text

أنا إن عشت لست أُعدم قوتا ** وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسـي** نفس حر ترى المذلة كفرا
وإذا ما قنعت بالقوت عمري** فلماذا أخاف زيدا وعمروا



إذا وقع الذباب على طعام رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء إذا كن الكلاب ولغن فيه

إذا كنت في نعمة فارعها
فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بتقوى الإله
فإن الإله سريع النقم

لسانك لا تذكر بها عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معايباً لقوم
فقل يا عين للناس أعين

يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا
وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه
كم نطلب الله في ضر يحل بنا
فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا
فإن رجعنا إلى الشاطي عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة
فما سقطنا لأن الحافظ الله


فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها *

وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ

وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها *

هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ

خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها *

لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ

يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً *

يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ








My Blog List

Powered by Blogger.

Dreams Of An Inspired Mind: Muslim-ized

john cena
Subscribe to Feed


مدونة أفلا يتدبرون القرآن

john cena

My Blog List