بسم الله الرحمن الرحيم قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا....( الطلاق 1) قررت بعد تردد طويل أن أروي لك ولقرائك قصتي , فأنا سيدة في منتصف العمر نشأت في أسرة متوسطة, وكنا خمسة من الأبناء يكافح والدنا لتوفير سبل الحياة لنا بمرتبه من عمله كموظف كبير, وبرغم اجتهاده فلقد كنا كثيرا ما نشعر بجفاف الحياة, وحين شببنا عن الطوق زادت مطالبنا, وازداد شعوري أنا بالذات بما ينقصني فلقد كنت الابنة الكبري, وكنت أنظر حولي بالكلية فأجد من ترتدي كل يوم فستانا جديدا, ومن تأتي بسيارة والدها أو بسيارتها.. ومن تتحدث عن رحلات الصيف والشتاء.. وأنا أعيش حياة متقشفة, ولا تسمح إمكانات أبي المادية لي إلا بشراء فستان كل حين, كما أننا لا نعرف المصايف ولا المشاتي, وأقصي رحلة لنا كانت إلي بلد أبي بالأقاليم في المناسبات الاجتماعية كالأفراح أو التعازي, ونتيجة لذلك, وأشياء أخري في حياتي, ولأنني جميلة وكنت شديدة الاعتزاز بجمالي تعلقت روحي بحلم الزواج من رجل ثري يوفر لي كل امكانيات الحياة المادية.. ويغنيني عن التفكير في النقود باستمرار. وهكذا وضعت لنفسي مقاييس متشددة بالنسبة لمن سوف أرتبط به.. وعزفت عن الاستجابة لمحاولات أي شاب من زملاء الكلية أو الجيران للارتباط العاطفي بي.. واعتبرتها كلها عبث أطفال لا يبشر سوي بالعناء والحمل والإنجاب وتدبير شئون البيت بجلباب ممزق قديم, ومرتب أو دخل لا يكفي إلا للأساسيات, ولا يتيح أي فرصة للترفيه والرخاء, ومضيت في طريقي بإصرار, فصددت أكثر من شاب حاول التودد إلي ولم أجد في ظروفهم ما يغريني بالتفكير في أمرهم.., وقسوت بشدة علي شاب منهم كان يعاني بوضوح من حبه لي, وحاول بكل الطرق استمالتي نحوه.. ووسط لدي كثيرين ومنهم أخته.. التي حاولت استعطافي وإقناعي بقبوله لكي يتقدم لأسرتي طالبا يدي, فلم أتزحزح عن موقفي وقلت لها بصراحة إن شقيقها لا يرضي طموحي, ولن يعدني الارتباط به سوي بالفقر والعناء إلي ما لا نهاية.., وصدمت الفتاة صدمة كبيرة فانصرفت عني, وكف شقيقها بعد ذلك عن التودد إلي.. وابتعد عني تماما. وهكذا أنهيت دراستي دون أن ارتبط بأحد, وعملت, ومضت بضع سنوات رفضت خلالها أكثر من عريس لنفس السبب حتي غضب أبي.. وثارت أمي علي, وقالت إن الأغنياء لا يتزوجون إلا من هم في مستواهم المادي, وأنني سأحكم علي نفسي بالوحدة إذا استمررت في رفضي لفرص الزواج المعقولة, وساء موقفي أكثر حين خطبت أختي التي تصغرني لشاب عادي أحبته وأحبها.. وبدآ يستعدان للزواج وبسبب نظرات الأهل لي في حفل زواج أختي رضخت كارهة لأمي حين عرضت علي شابا من أسرة طيبة وظروفه أفضل من ظروف عريس أختي, لكنه ليس الفارس الثري الذي كنت أنتظره وتزوجنا بعد عام من الخطبة, وأقمنا في شقة لا بأس بها في مدينة نصر, في حين أقامت أختي في شقة بحي شعبي.. وبدأت حياتي الزوجية وأنا بين الرضا عن أن ظروفي أفضل كثيرا من ظروف أختي, وبين السخط لأن زوجي في النهاية ليس ثريا ولا يملك إلا سيارة صغيرة متهالكة لاتساوي شروي نقير.. ومضت بنا الأيام وأنجبت ولدا وبنتا.. وتقدمت في عملي وتقدم زوجي في عمله, وبالرغم من ذلك فلقد ضاقت حولي ظروف الحياة مع نفقات الطفلين ومدرستهما وتكاليف الحياة.. ولم أقصر في إشعار زوجي منذ البداية بأنه لم يكن طموحي الذي تطلعت إليه وأنا طالبة بالكلية.. وبأنه لم يحقق لي ما كنت أتمناه لنفسي من حياة رغدة ومريحة لا أحمل فيها هما للنقود, ولا أمسك فيها ورقة وقلما لأحسب لكل شيء حسابه قبل الإقدام عليه.., وكان زوجي يحزن في صمت حين أشعره بذلك ولا يخطيء في حقي أبدا, وإنما يفاجئني بعد بضعة أيام بأن يضع في يدي مبلغا إضافيا من النقود حصل عليه من عمل إضافي أو من الحوافز في عمله.., وفي بعض المرات اكتشفت أنه اقترضه من شقيقه! وكل ذلك لكي أرضي.. وأكف عن التذمر والشكوي من ضيق الحال. واستمرارا لمحاولاته لإرضائي حصل لنا علي عضوية ناد اجتماعي راق ليس بعيدا عن مسكني, ودبر مصاريف الالتحاق به من أعمال خارجية.., وبدأنا نتردد عليه ونقضي فيه يوم الجمعة من كل اسبوع.., وبدأت أشعر بأن جزءا بسيطا من الحلم القديم قد تحقق, وإن كان هناك الكثير الذي مازال بعيدا, وفي هذا النادي أصبحت لنا صداقات جديدة.., وكانت أهمها صداقتي لسيدة تعرفت عليها في حديقة النادي واستراحت كل منا للأخري, وأصبحنا نقضي معظم وقتنا في النادي معا في غياب الزوجين. وبالطبع فقد تعرفت علي زوجها وتعرف زوجي عليه, وحدث شيء من التقارب بينهما ولاحظت من البداية علي صديقتي الجديدة أناقتها وملابسها الغالية.. وحسن اختيارها لها, وسألتها ذات مرة بطريقة عابرة عن ثمن تايير جميل ترتديه, فعرفت أنه يساوي مرتب زوجي في شهر.. فبلعت ريقي بصعوبة.. وفي المساء حكيت لزوجي القصة وأسمعته بضع كلمات ساخرة.. فاكتأب وقال حانقا إنه لا يعرف ماذا يفعل لكي يرضيني.. وتعمقت الصداقة بيني وبين صديقتي الجديدة وتبادلنا الزيارات, وانبهرت بمسكنها الفاخر في شقة من دورين بعمارة فاخرة.. وبأثاثه الثمين والتحف الغالية الموزعة علي جوانبه.., وترددت في دعوتها وزوجها إلي مسكني المتواضع, لكنه لم يكن هناك مفر من رد الدعوة, فدعوتهما واجتهدت قدر طاقتي في تجميل البيت وتزيينه وتنظيفه.. عند زيارتهما لنا. وشيئا فشيئا وجدتني أتساءل: أليس ما تعيشه صديقتي هذه هو ما كنت أحلم به لنفسي وأنا فتاة؟., وماذا تمتاز به عني لكي تفوز به دوني..؟ أنني أجمل منها كثيرا بشهادة الجميع.. بل وبشهادة نظرات زوجها المنبهرة لي منذ أول لقاء, كما أن ظروفها العائلية مماثلة لظروفي, ولم يكن والدها ثريا ولا هي وارثة لمال.. وكل ما تنعم به من عز بفضل زوجها رجل الأعمال, ناهيك عن سيارتها الحديثة الخاصة ومدرسة الأولاد باهظة الرسوم.. والشغالة التي تتقاضي ما يزيد علي نصف مرتب زوجي, والمجوهرات والملابس الفاخرة التي ترتديها... الخ. وبدأت أشعر بالغيرة الشديدة منها وبالسخط الأشد علي زوجي برغم أنه يشقي في العمل وفي الحياة لتلبية مطالبي.. وكثرت الاحتكاكات بيني وبينه, وكثرت شكواي منه لصديقتي.., وازدادت نظرات زوجها إلي عمقا وجرأة.. وفي لحظة ضيق بكل شيء أعطيته الاشارة لكي يخطو الخطوة الأولي, فلم يتردد وبدأت الاتصالات الهاتفية بيننا بطلب خدمة منه أداها بحماس علي الفور, ثم بالشكوي من زوجي وخلافاتي معه, إلي آخر المعزوفة إياها, التي تعرفها كل امرأة تريد أن تفتح الباب لطارق جديد, وانتهي الأمر باعترافه بحبه الشديد لي ومجاراتي له في الاعتراف, مع تحفظ واحد من جانبي هو رفضي النهائي لأي تلامس بيننا إلا في الحلال! واستمر الحال بيننا علي هذا النحو طيلة عام كامل أغدق علي خلاله بالهدايا الذهبية التي أخفيتها عن الأنظار, وكثرت خلاله الخلافات بين صديقتي وزوجها وانتهي الأمر بينهما بالطلاق الودي وبقاء الطفلين مع أمهما في نفس المسكن الفاخر مع منحها نفقة شهرية سخية, وطالبني الرجل بالطلاق من زوجي لكي يتزوجني وفاء لوعدي له إذا طلق زوجته.. وبدأت معركتي مع زوجي للحصول علي الطلاق.. وخضت أهوالا كثيرة معه.. ومع أهلي وصلت إلي حد محاولة الانتحار بقطع شرايين يدي وإنقاذي في اللحظة الأخيرة.. واستسلم زوجي في النهاية فطلقني.. وبعد انقضاء شهور العدة تزوجت زوج صديقتي, وأقمنا في شقة أخري اشتراها لي في نفس الحي, وإن لم تكن بنفس مستوي شقته الأولي.. وبدأت أعيش الحياة التي طالما تمنيتها فاستقلت من عملي.. واشتري لي زوجي سيارة جديدة, وملابس كثيرة ومجوهرات.. وعرفت لأول مرة الإقامة في فنادق الخمس نجوم, والسفر إلي الغردقة والساحل الشمالي, بل وإلي أوروبا ذات مرة.., وغرقت في العز والنقود والحب الذي يغمرني به زوجي, فلم ينغص علي حياتي سوي شيئين: بعدي عن الطفلين واشتياقي لهما, وقد كنت أعالج ذلك برؤيتهما في بيت أمي من حين لآخر, ثم فراغة عين زوجي وغيرتي الشديدة عليه وخوفي من أن تسرقه مني امرأة أخري, كما أخذته أنا من زوجته, فهو ضعيف أمام النساء الجميلات, وكثيرا ما احترقت بنار الغيرة كلما سمعت عن اهتمامه بامرأة من المتعاملات معه.., وأصبحت حياتي مطاردة مستمرة له بالتليفون والسيارة.. وكبسات مفاجئة له في مكتبه أو النادي أو مطاعم الفنادق الكبري, ثم صراخا وعويلا وضربا متبادلا ودما ينزف مني ومنه ويلوث ملابسنا.., وفي كل مرة أصرخ فيه: تخونني وأنا التي تركت زوجي وأولادي من أجلك؟ فيجيبني في حمأة الغضب بأنني تركتهم من أجل الفلوس قبل أن يكون من أجلي!.. وبعد تبادل الاتهامات والإهانات والشتائم.. نهدأ أو أهدأ أنا علي الأصح وأبدأ بمصالحته.. وأتذكر بمرارة أنني عشت مع زوجي الأول تسع سنوات لم يرفع خلالها صوته مرة واحدة علي ولم يجرحني بكلمة. وتواصل الحياة طريقها, وأعوض قهري بشراء المزيد من المصوغات الذهبية والألماسية والملابس, وزيارة ابنتي وابني اللذين ألاحظ في كل مرة أنهما يزدادان بعدا عني وجفاء صامتا لي, وأتهم والدهما بأنه وراء ذلك, فيقسم لي صادقا بأنه لم يقل لهما كلمة سوء واحدة عني.., وتوالت الأحداث فتزوج زوجي السابق من فتاة لم يسبق لها الزواج من أقاربه, وانتقلت ابنتي وابني للحياة مع جدتهما لأبيهما.. وازدادا نفورا مني ولوما صريحا لي, لأنني كما قالت ابنتي ـ سامحها الله ـ جريت وراء الفلوس علي حساب سعادتهما واستقرارهما بين أبويهما! وبرغم حزني لجفاء مشاعرهما تجاهي, فقد كنت أمني نفسي بأنني سأستطيع أن أكسب مودتهما بما أعطيه لهما من نقود خاصة حين يكبران وتزداد أهمية النقود في حياتهما, ولكن حياتي ازدادت تعقيدا بزواج زوجة زوجي الأولي من رجل ممتاز وسفرها معه إلي مقر عمله بإحدي الدول العربية, فأصبح لزاما علي كما طالبني زوجي أن أضم ابنه وابنته إلي حضانتي لينشآ مع أخيهما الذي أنجبته منه. وبدأت مرحلة جديدة من المتاعب والمشاكل, فالولد والبنت وخاصة البنت ـ يكنان لي كراهية صامتة شديدة.. وزوجي لايتحمل أية شكوي منهما ويتهمني علي طول الخط بضيقي بهما واساءة معاملتهما, ويهددني بهدم البيت إذا شكا أحدهما مني . وزاد الطين بلة أن تعثرت فجأة في هذه الفترة أعمال زوجي فنقصت السيولة بين يديه.. وأخذ مني سيارتي وباعها, وأخذ مني معظم مجوهراتي وباعها, وباع كذلك الشقة الفاخرة الأولي التي كنت أتطلع للانتقال إليها لكي تتسع للأولاد الثلاثة, ووجدتني بعد قليل أكاد أعيش في ظروف مشابهة لظروفي مع زوجي الأول مع اختلاف مهم هو أنني كنت معه موضع الإعزاز والحب والتكريم والاسترضاء باستمرار, في حين أنني مع زوجي الثاني موضع السخط واللوم والغضب في معظم الأحوال. وتعلقت بالأمل في تحسن أحوال زوجي وتجاوزه لأزمته بعد قليل كما يحدث مرارا في حياة رجال الأعمال, وصبرت علي ظروفي الجديدة كارهة, فإذا بالصواعق تنقض فوق رأسي واحدة بعد أخري.. فلقد فوجئت ذات يوم بعشرة رجال يطرقون الباب ويسألون عن زوجي, ولم يكن موجودا فلم يتورعوا عن تفتيش الشقة بحثا عنه.. وسألت عن السبب فقيل لي إنهم ضباط ومخبرون بوحدة تنفيذ الأحكام وأن زوجي قد صدرت ضده عدة أحكام نهائية بالسجن في قضايا شيكات بدون رصيد! وانهرت مغمي علي فأمسك بي الضابط قبل سقوطي علي الأرض. وتكررت زيارات ضباط الوحدة للبيت وللعمل وللنادي, بحثا عنه وأصبح زوجي يختفي بالأيام, ثم يأتي فجأة بعد منتصف الليل ويقضي معنا ساعات وينصرف مع الفجر.. فلا أراه إلا بعد أيام أخري, وظل الحال هكذا لما يقرب من سنة تصالح خلالها مع بعض أصحاب الشيكات وعجز عن التصالح مع البعض الآخر, ثم ضبطته وحدة التنفيذ في أحد الفنادق فساقته إلي السجن ! وهو الآن يقضي فترة العقوبة.. ومجموع الأحكام الصادرة عليه سبع سنوات وأتردد عليه في مواعيد الزيارة.. وأدوخ بين ضباط السجون والعساكر للحصول علي تصريح بزيارته زيارة خاصة في مكتب المأمور وليس من وراء الأسوار.., وأحمل له الطعام والحلوي.. أعيش أنا وابني منه بمبلغ بسيط كنت أنفقه أيام العز في3 أيام ويعطيه لي شقيق زوجي أول كل شهر, وهو يكاد يرميه في وجهي ولسان حاله يقول بغير كلام: إنني قدم الشؤم علي شقيقه, أما ابنة زوجي وابنه فقد رفضا العيش معي بعد سجن والدهما وضمهما عمهما إليه إلي حين خروج أبيهما, وفي هذه الظروف الكئيبة كنت أقف مع طفلي الصغير أمام النادي أنتظر سيارة ميكروباص لكي نرجع إلي البيت حين لمحت عن بعد صديقتي السابقة زوجة زوجي الأولي تنزل من سيارة مرسيدس فاخرة أمام النادي ورجل الأمن والبواب يقفان احتراما لها ولزوجها ويتبادلان معهما الابتسام والتحية, فأسرعت بادارة وجهي للناحية الأخري حتي لا تلمحني.. وانتظرت حتي دخلت النادي قبل أن أشير لسيارة ميكروباص قادمة, وقلت لنفسي أنه يبدو أن للعز أناسا يجدونه تحت أقدامهم دائما حينما يمشون,وان للفقر والعناء أناسا آخرين لايجدون سوا هما كلما سعوا في الأرض! وعدت إلي البيت مكتئبة وساخطة.. وأنا أفكر في أنني كنت أحيا حياة مستقرة وهادئة مع زوجي الأول فلماذا لم أرض عنها ولم أسعد بها..؟ وماذا جنيت من الجري, علي حد تعبير ابنتي وراء الفلوس سوي بعد ابني وابنتي عني وجفائهما لي وفقدي لهما ولزوجي الأول ولحياة الكرامة والإعزاز والأمان معه؟ إنني وبعد ثماني سنوات من زواجي الجديد تمرغت خلالها في العز لمدة ستة أعوام وقلبت لي الدنيا ظهر المجن خلال عامين, أقول لنفسي ولكل النساء والفتيات إنني قد خسرت زوجا كان يحبني ويحترمني ويقبل الأرض تحت أقدامي, ويبذل كل ما في وسعه لإرضائي, وخسرت ابنتي وابني وهما لا يقدران بمال وخسرت الكرامة والأمان والاستقرار وراحة البال وكل ذلك لأنني لم أكن قانعة بحياتي مع زوجي الأول ولم أرض عنها بالرغم من أن كثيرات غيري كن يتمنين حياة مثلها.. ولأنني تطلعت إلي ما لم يكن من حقي الحصول عليه واغتصبت زوج صديقتي السابقة ونفست عليها حياتها معه وثراءه, ورأيت انني أحق به منها, ولم يردني ضميري ولم يمنعني قلبي كأم من الإقدام علي ما أردت ولم أتوقف لحظة أمام حق زوجي وأبنائي علي, ولا أمام حق صديقتي وحق أبنائها.. فدبرت خطف زوجها.. وانبهرت لفترة قصيرة بالثراء ثم توالت الكوارث. إنني أعرف أن رأيك في سيكون قاسيا.. وأنك ستنهال علي باللوم, لكني أردت بالرغم من ذلك أن أروي لك قصتي لكي أتطهر من بعض جريرتي.. ولكي أسألك ألا يغفر لي الله ذات يوم طمعي وسخطي علي حياتي السابقة.. وسرقتي لسعادة امرأة أخري كانت ذات يوم صديقة لي.. وماذا أفعل لكي يرفع الله عني مقته الذي يحيط بحياتي من كل الجوانب الآن؟ |
الخلاصة
١-ثماني سنوات تمرغت خلالها في العز لمدة ستة أعوام وقلبت لي الدنيا ظهر المجن خلال عام
٢- أن الزهد هو خلو القلب مما خلت منه اليد!.
وبذلك يكون الطمع بالمفهوم العكسي هو انشغال القلب بما في أيدي الغير مما تخلو منه اليد
٣- الله سبحانه وتعالي قد أقسم في الحديث القدسي المرفوع بعزته وجلاله لأرزقن من لا حيلة له حتي يتعجب أصحاب الحيل أي حتي يعرف الجميع أنه وحده الرزاق المنعم.. وأن ثراء أي انسان أو نجاحه أو توفيقه في عمله برغم اجتهاده ليس راجعا إلي حيلته وحدها وإنما إلي أن الله سبحانه وتعالي قد أذن له أيضا بنجاح مسعاه ونيل ثمرته, وبارك له في رزقه وفي حياته, وتأكيدا لذلك فقد يغمر الله سبحانه وتعالي برزقه من لاترشحه قدراته للمنافسة في أي سباق, وقد يقدر علي بعض ذوي الحيل والذكاء رزقهم فيعيشون في كبد حتي يأذن الله بتغير الحال
٤-ذكرتني قصتك وعودتك إلي الحرمان بعد الرخاء كما يرجع مؤشر عجلة الحظ الدوارة إلي نقطة البداية بعد طول الدوران, بالخرافة التي كتبها الحكيم الاغريقي ايسوب عن الأسد الجائع, الذي رأي أرنبا نائما فهم بالتهامه ليسد به جوعه, وقبل أن يفعل رأي غزالا قريبا, فقال لنفسه إن لحم الغزال أطيب وأوفر, ويكفي لسد غائلة جوعي ويفيض, فانصرف عن الأرنب وطارد الغزال لينقض عليه.. وصرخ الغزال حين رأي الأسد صرخة مدوية واندفع جاريا بسرعته الشديدة, والأسد يلاحقه إلي أن طالت المطاردة, وابتعد الغزال كثيرا وأدرك الأسد أنه لن يلحق به فعاد أدراجه وقد قرر أن يكتفي بالأرنب.. فإذا به لا يجده في مكانه ويتلفت حوله باحثا عنه دون جدوي فيدرك في النهاية أن صرخة الغزال والأسد يطارده قد أيقظته من نومه فأسرع بالفرار! وهكذا خسر الغزال.. والأرنب معا.. وظل الأسد يكابد جوعه
٥- لو جرينا في الدنيا جري الوحوش فلن ننال في النهاية إلا ما كتبه الله لنا
عبد الوهاب مطاوع
بريد الجمعة ٢٣ ابريل ٢٠٠٤