وإليك نماذج من الرجولات التى لا تهزها إساءة ٬ ولا تستفزها جهالة ٬ لأن لغو السفهاء يتلاشى فى رحابتها كما تتلاشى الأحجار فى أغوار البحر المحيط . ما يضير البحر أمسى زاخرا إن رمى فيه غلام بحجر؟!
يروى أن رجلا سب الأحنف بن قيس وهو يماشيه فى الطريق فلما قرب من المنزل وقف الأحنف وقال: يا هذا ٬ إن كان بقى معك شىء فقله ههنا ٬ فإنى أخاف إن سمعك فتيان الحى أن يؤذوك. وقال رجل لأبى ذر: أنت الذى نفاك معاوية من الشام؟. لو كان فيك خير ما نفاك!! فقال: يا ابن أخى ٬ إن ورائى عقبة كؤودا ٬ إن نجوت منها لم يضرنى ما قلت ٬ وإن لم أنج منها فأنا شر مما قلت!!. وقال رجل لأبى بكر: والله لأسبنك سبا يدخل القبر معك!! قال: معك يدخل لا معى!! وقال رجل لعمرو بن العاص: والله لأتفرغن لك. قال: هناك وقعت فى الشغل!! قال: كأنك تهددنى؟ والله لئن قلت لى كلمة لأقولن لك عشرا!! قال عمرو: وأنت والله لئن قلت لى عشرا لم أقل لك واحدة. وشتم رجل الشعبى فقال له: إن كنت صادقا فغفر الله لى ٬ وان كنت كاذبا فغفر الله لك. وشتم رجل أبا ذر الغفارى فقال له أبو ذر: يا هذا لا تغرق فى شتمنا ٬ ودع للصلح موضعا ٬ فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه. ومر المسيح بقوم من اليهود فقالوا له شرا. فقال لهم خيرا ٬ فقيل له: إنهم يقولون شرا وتقول لهم خيرا؟! فقال: كل واحد ينفق مما عنده. وقيل لقيس بن عاصم: ما الحلم؟ قال: أن تصل من قطعك ٬ وتعطى من حرقك ٬ وتعفو عمن ظلمك.. وقال يزيد بن حبيب: إنما كان غضبى فى نعلى... فإذا سمعت ما أكره أخذتها ومضيت . وقال على: من لانت كلمته وجبت محبته ٬ وحلمك على السفيه يكثر أنصارك عليه. .وأسمع رجل عمر بن عبد العزيز بعض ما يكره ٬ فقال: لا عليك ٬ إنما أردت أن يستفزنى الشيطان بعزة السلطان ٬ فأنال منك اليوم ما تناله منى غدا ٬ انصرف إذا شئت
جدد حياتك محمد
الغزالى