“الجحود فطرة ٬ إنه ينبت على وجه الأرض كالأعشاب الفطرية التى تخرج دون أن يزرعها
أحد أما الشكر فهو كالزهرة التى لا ينبتها إلا الرى وحسن التعهد...”. ويقول: “إن الطبيعة
الإنسانية ما برحت هى الطبيعة الإنسانية والأرجح أنها لن تتغير أبد الآبدين
ويضرب لنا `ديل كارنيجى` عدة أمثلة لشيوع الجحود بين الناس فيقول: لو أنك أنقذت حياة رجل أتراك تنتظر منه الشكر؟. قد تفعل. بيد أن `صمويل لايبيتز` الذى اشتغل محامياً ثم قاضياً أنقذ ثمانية وسبعين رجلا من الإعدام بالكرسى الكهربائى ٬ فكم من هؤلاء تقدم له بالشكر؟. لا أحد
ولقد شفى المسيح عليه السلام عشرة من المفلوجين فى يوم واحد ٬ فكم من أولئك المعافين سعى إلى رسول الله ليشكره؟. واحد فقط!!. أما الآخرون فقد انصرفوا دون أن ينبسوا بكلمة.
ويستطرد `كارنيجى` قائلا: “وحدثنى ` تشارلس شواب ` أنه أنقذ مرة صرافاً خسر فى مضاربات `البورصة` أموالا تخص `البنك ` ٬ فدفع له المال المفقود كله ٬ وبذلك نجاه من السجن ٬ ومن فقد شرفه وعمله ٬ فهل شكره الصراف؟. نعم شكره يومئذ بكلمة ٬ ثم ما لبث أن راح يحمل عليه ويكيل له السباب ألواناً!!
ثم يقول `كارنيجى` وكأنه يشرح قول الله سبحانه: إن الإنسان لربه لكنود
ذاك ما كتبه ` ديل كارنيجى ` فى كتابه: ` دع القلق `. وقد وافقته فى هذا التفكير فيما كتبتهقبلابخلق المسلم قلت: “ومع أن للطباع الأصيلة فى النفس دخلا كبيرا فى أنصبة الناس من الحدة والهدوء ٬ والعجلة والأناة ٬ والكدر والنقاء؟ إلا أن هناك ارتباطا مؤكدا بين ثقة المرء بنفسه وبين أناته مع الآخرين وتجاوزه عن خطئهم. فالرجل العظيم حقا كلما حلق فى آفاق الكمال اتسع صدره ٬ أو امتد حلمه ٬ وعذر الناس من أنفسهم ٬ والتمس المبررات لأغلاطهم. فإذا عدا عليه غر يريد تجريحه ٬ نظر إليه من قمته كما ينظر الفيلسوف إلى صبيان يعبثون فى الطريق وقد يرمونه بالأحجار. وقد رأينا الغضب يشتط بأصحابه إلى حد الجنون عندما تقتحم عليهم نفوسهم. ويرون أنهم حقروا تحقيرا لا يعالجه إلا سفك الدم. أفلو كان الشخص يعيش وراء أسوار عالية من فضائله يحس بوخز الألم على هذا النحو الشديد؟ كلا. إن الإهانات تسقط على قاذفها قبل أن تصل إلى مرماها البعيد
جدد حياتك محمد
الغزالى