ذكر ابن رجب أن ابن عقيل ذهب إلى مكة ، وكان من الصالحين الكبار الذين يعلمون أن الرزق من عند الله تبارك وتعالى، قال ابن عقيل : فانقطعت نفقتي وما وجدت شيئاً آكله قال: فطفت، فلما انتهيت من الطواف والسعي رجعت ألتمس أكلاً فما وجدت شيئاً، فذهبت إلى ضواحي مكة ، فبينما أنا أبحث في التراب، إذا عقد من جوهر كل جوهرة تساوي مئات الألوف من الدنانير -عقد من جوهر- قال: فأخذته وفرحت به فذهبت، فلما أصبحت في الحرم، إذا منادٍ ينادي: من وجد العقد فليأت به، قال: الله المستعان! فذهب به، فقال لصاحبه: ما علامته؟ قال: كذا وكذا كما في الحديث {اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة } قال: فوجد الوصف نفسه، فأخذ هذا العقد بجواهره، فو الله ما أعطاني منه درهماً، وبعض الناس لئيم. قال: فذهب به فلما انتهيت من حجي ذهبت فركبت البحر، فانكسر بي القارب -بعض الابتلاءات تتوالى على المؤمن- قال: فركبت خشبة، فأخذت بي الريح تلعب بي يمنة ويسرة مدة، فازداد الجوع جوعاً والظمأ ظمأً والخوف خوفاً، لكن ذلك تمحيص. قال: ثم ألقتني الخشبة إلى جزيرة من الجزر في البحر، فدخلت الجزيرة، فوجدت فيها قرية، فدخلت مسجد القرية، فتناولت مصحفاً، فأتى أهل القرية، فقالوا: أتقرأ؟ قلت: نعم، قالوا: علمنا القرآن ونعطيك أجراً، قلت: نعم. أعلمكم القرآن، قال: فأخذت ورقة فكتبت، قالوا: وتكتب؟ قال: أكتب، قالوا: علم أبناءنا الكتابة بأجر، قلت: نعم. أعلم أبناءكم الكتابة بأجر. فلما مضى ردح من الزمن، قالوا: معنا ابنة يتيمة صالحة عابدة كان أبوها من الصالحين، نريد أن نزوجك إياها، فتزوجها، قال: فلما رأيتها رأيت العقد الذي وجدته في مكة في نحرها، قلت: ما هذا العقد؟ قالت: هذا عقد كان أبي اشتراه بماله كله، كل ما يملك في الحياة جعله في هذا العقد، قلت: ألهذا العقد قصة؟ قالت: قد ضاع مرة من المرات في مكة ، فوجده رجل من الصالحين، فأعطاه أبي، فكان أبي بعد كل صلاة يقول: اللهم ارزق ابنتي رجلاً صالحاً كالذي رد عليّ العقد، قال: أنا صاحب العقد، وقد أجاب الله دعوة والدك. |