لقد كان من تقاليد البحارة حين يلتقون بحوت كبير في البحر أن يلقوا إليه بقارب صغير فارغ لينشغل بمهاجمته عن مهاجمة السفينة الأصلية حتي لا يغرقها.. ثم يحاولون ـ خلال انشغاله بملاطمة القارب الفارغ ـ صيده أو النجاة بسفينتهم بعيدا عنه.. وكذلك ينبغي أن نفعل نحن أيضا مع حوت أحزاننا وهمومنا لكيلا يلتهمنا ويقضي علينا, أن نشغله عنا.. بالاندماج في العمل والحياة الاجتماعية والعلاقات العائلية والمجاملات الإنسانية ووسائل الترويح المشروعة عن النفس.. وبالتفكير في المستقبل.. والعمل من أجله.. ونتذكر حقوق الأعزاء علينا وعمق احتياجهم لنا وواجباتنا تجاههم وبالاهتمام بالأشياء الصغيرة في الحياة, التي تصرف أذهاننا ولو للحظات عن التفكير في أحزاننا, فالطبيعة ضد الفراغ.. وخلو عقل الإنسان مما يشغله من الأمور الإيجابية ولو للحظات لا يعني إلا تسلل الهموم والأحزان إليه, والفارق بين من يعين نفسه علي أحزانه.. ومن يعين أحزانه عليه هو الفارق بين من يهلع لقضاء لا راد له, ويظل مقيما علي هذا الهلع بعد فترة الصدمة الأولي وإلي ما لا نهاية.. وبين من يتصبر ويتجلد أمام القضاء حتي ولو كان قد انفطر قلبه من الحزن الصادق في البداية فيصبح كمن قال عنه أمير الشعراء أحمد شوقي:
وصابر تلهج الدنيا بنكبته
تخاله من جميل الصبر مانكبا
عبد الوهاب مطاوع
0 comments:
Post a Comment