الجاهل يشكو الله إلى الناس، وهذا غاية الجهل بالمشكو والمشكو إليه فإنه لو عرف ربه لما شكاه، ولو عرف الناس لما شكا إليهم. ورأى بعض السلف رجلا يشكو إلى رجل فاقته وضرورته، فقال: يا هذا، والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك، وفي ذلك قيل:
والعارف إنما يشكو إلى الله، وأعرف العارفين من جعل شكواه إلى الله من نفسه لا من الناس ،فهو يشكو من موجبات تسليط الناس عليه، ناظر إلى قول الله تعالى: «وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم» «وما أصابكم من سيئة فمن نفسك» «أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم»
سورة الشورى، الآية 30، وقوله النساء: 79، وقوله: آل عمران: 165 فالمراتب ثلاثة :أخسها أن تشكو الله إلى خلقه، وأعلاها أن يشكو نفسك إليه، وأوسطها أن تشكو خلقه إليه.
الفوائد_الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية